فيولا فليتشر.. إحدى الناجيات من مذبحة "تولسا" تتحدث عن إرث العبودية (فيديو)
تبلغ من العمر 109 سنوات
كانت فيولا فليتشر تبلغ من العمر 7 سنوات فقط عندما نزحت قسرا من مسقط رأسها تولسا، في أوكلاهوما، على يد حشد مسلح دمر جيب غرينوود الذي تقطنه أغلبية سوداء، ما أسفر عن مقتل مئات السكان.
جاءت "فليتشر" البالغة من العمر الآن 109 سنوات مع حفيدها آيك هوارد إلى مقر الأمم المتحدة هذا الأسبوع للاحتفال باليوم الدولي لإحياء ذكرى تجارة الرقيق وإلغائها الذي تنظمه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو).
وأثناء وقوفهما أمام نصب سفينة العودة، تناولت "فليتشر" و"هوارد" إرث العبودية وإمكانية تقديم تعويضات لأولئك الذين تربطهم روابط أجداد بالتجارة المروعة، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
بلاك وول ستريت
كانت منطقة غرينوود في "تولسا" تعرف بالعامية باسم بلاك وول ستريت، بسبب الثروة والفرص التي وفرتها.
وكان الفصل العنصري في أوكلاهوما خلال عشرينيات القرن العشرين، يقيد بشدة الوضع الاجتماعي والاقتصادي للسكان السود، ما جعل غرينوود حيا نادرا حيث يمكنهم الازدهار وتحقيق النجاح.
كانت هناك محلات بقالة مملوكة للسود ومتاجر أثاث ودار سينما، وهي ندرة استثنائية للمجتمعات السوداء في ذلك الوقت.
ومع ذلك، في 30 مايو 1921، غرق الحي في ما سيصبح في النهاية أحد أسوأ حوادث العنف ذات الدوافع العنصرية في تاريخ الولايات المتحدة.
اتهم شاب أسود، يدعى "رولاند" بالاعتداء على فتاة مراهقة بيضاء واعتقل لاحقا قبل نشر أخبار جريمته المزعومة في الصحف المثيرة في جميع أنحاء المدينة.
تسببت هذه الاتهامات في تجمع حشد من الرجال البيض المسلحين خارج قاعة المحكمة حيث كان "رولاند" محتجزا، ولحماية "رولاند" من الإعدام خارج نطاق القانون، بدأت مجموعة من الرجال السود المسلحين في الدخول إلى المنطقة.
وبحسب ما ورد غضب الحشد الأبيض، وسرعان ما تصاعدت التعليقات العنصرية والشتائم إلى تبادل لإطلاق النار، وسرعان ما اجتاح الصراع الذي تلا ذلك حي غرينوود بأكمله، أطلق الرجال البيض النار بشكل عشوائي على السكان السود الفارين من العنف وشرعوا في حرق أكثر من 35 كتلة سكنية من الحي، ما أدى إلى تشريد أكثر من 10 آلاف من السكان السود، ولم يتم تأكيد عدد الأرواح المفقودة، على الرغم من أن بعض التقديرات تشير إلى أن عدد القتلى يصل إلى 300.
وكانت "فليتشر" واحدة من المشردين، تقول في مذكراتها: "لا تدعهم يدفنون قصتي: أقدم ناجٍ على قيد الحياة من مذبحة تولسا العرقية"، رؤية العائلات تفر يائسة من المذبحة، حيث قتل العديد منهم بالرصاص في هذه العملية.
تقول: "احترقت عيناي من الدخان والرماد، لكن لا يزال بإمكاني رؤية كل شيء بوضوح.. ركض الناس متشبثين بأحبائهم نحو السكك الحديدية أو أي طريق خارج المدينة لم يجتحها رجال بيض مسلحون".
وأضافت: "بعضهم نجح في ذلك، والكثير منهم لم يستطيعوا ذلك.. مررنا بأكوام من الجثث المكدسة في الشوارع.. بعضهم كانت عيونهم مفتوحة، كما لو كانوا لا يزالون على قيد الحياة، لكنهم لم يكونوا كذلك".
والأسبوع الماضي وبعد 102 عام، أقامت "فليتشر" وحفيدها مراسم إراقة أمام سفينة العودة في مقر الأمم المتحدة، تم بناء النصب التذكاري من قبل الفنان الأمريكي الهايتي رودني ليون للأمم المتحدة في عام 2015.
ووفقا لـ"ليون"، فإن القصد من النصب التذكاري هو أن يكون "مكانا روحيا للعودة" لجميع الضحايا الدوليين لتجارة الرقيق في المحيط الأطلسي.
وكان القصد من الاحتفال أن يتزامن مع اليوم الدولي وأن يذكر بضرورة الاستمرار في تسليط الضوء على إرث الرق، ونوقشت أيضا إمكانية تقديم تعويضات لمن هم من أصل مرتبط بتجارة الرقيق.
تقول الناجية: "المصالحة تعني المصالحة، نحن بحاجة إلى تعويضات.. حان الوقت لتصحيح الأمر في جميع أنحاء العالم".
وتضيف: “تتخذ بعض البلدان وبعض المدن في الولايات المتحدة خطوات لدمج التعويضات.. إذا كانت هناك إرادة فهناك طريقة.. يمكننا إنجاز ذلك”.
وفقا لحفيدها، كانت "فليتشر" سعيدة بالتقدم الذي تم إحرازه في حياتها، بعد أن عاشت حقبة ما بعد إعادة الإعمار "جيم كرو"، وحركة الحقوق المدنية، ومؤخرا حركة Black Lives Matter، حيث لاحظت "فليتشر" بشكل مباشر المواقف المتطورة تجاه إرث تجارة الرقيق.
وقال "هوارد" متحدثا نيابة عن جدته، التي تجد الآن صعوبة في التحدث بصوت مسموع: "إنها تشعر بالرضا عن الحركة المستمرة في جميع أنحاء البلاد، وتقول بدأت أحجار الدومينو في السقوط.. إنها نعمة أن نرى شعاعا من أشعة الشمس، شعاعا من الأمل في هذه المواقف".
وتابع: "هذه الطاقة مذهلة لأن هؤلاء العبيد أنفسهم جزء من تاريخ أسوأ مذبحة عرقية في تاريخ الولايات المتحدة، تسمى مذبحة تولسا العرقية".
أجيال من الاستغلال
وأثناء حديثه بمناسبة اليوم الدولي للأمم المتحدة لإحياء ذكرى ضحايا الرق وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي في مارس، أقر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بإرث تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي ووصفها بأنها "مشروع شرير".
قال: "تم الاتجار بملايين الأطفال والنساء والرجال الأفارقة عبر المحيط الأطلسي، وانتزعوا من عائلاتهم وأوطانهم، تمزقت مجتمعاتهم، وتحولت أجسادهم إلى سلعة، وحرموا من إنسانيتهم.. إن تاريخ العبودية هو تاريخ من المعاناة والهمجية يظهر الإنسانية في أسوأ حالاتها".
وتابع: "إن إرث تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي يطاردنا حتى يومنا هذا، يمكننا رسم خط مستقيم من قرون من الاستغلال الاستعماري إلى عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية اليوم".
ورسميا، اتخذت الأمم المتحدة موقفا يشجع الدول الأعضاء على إنشاء أطر لجبر الضرر للأسر المتضررة من إرث تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة: "يجب علينا عكس عواقب أجيال من الاستغلال والإقصاء والتمييز، بما في ذلك أبعادها الاجتماعية والاقتصادية الواضحة من خلال أطر العدالة التعويضية".